يتعرض الواحد منا كل يوم إلى متغيرات ومواقف عدة ، والنفس بطبعها قابلةٌ للتكيف والتبلور تجاه هذه المواقف ، ويتفاوت الآدميون في تفعيلها نحو الأفضل أو ضده أو إبقائها كما هي بحسب تفاوت الهمم والقدرات لديهم ، وبحسب المعتقدات والنظريات التي هي ناتجة من بيئاتهم وذواتهم .
والغريب أن هناك فئاما من الشخصيات المسلمة ً يمتلكون قدراتاً وينابيعاً للخير لا يستهان بها 00 من تجارب وأطروحات وأفكار ناتجة من هذه المتغيرات الحياتية تسهم في النهوض بالأمة وترفع من شأنها خاصةً في ظل تكالب وسيطرة الأعداء من كل مكان وفي ظل الخور والذل الذي يخيّم على أفراد الأمة ،،، ومع هذا فهم ما زالوا عاجزين عن تفجيرهذه الينابيع الخيّرة من ذواتهم وترجمتها إلى الواقع متناسين بذلك الدور الذي ينبغي عليهم كمسلمين ،،
وبالتالي فهم والله قد احتكروا مافيه نفعاً متعديا إلى غيرهم من أفراد وشعوب ومجتمعات بل أمةٌ بأكملها تنتظرهم وترجو منهم تصحيح المسارات ، وتخريج الكفاءات ، وتفعيل الطاقات ، ولكن أنّى يكون هذا وقد أغلقوا على أنفسهم الأبواب فناموا ولم يستيقظوا بعد ، وأودعوا أنفسهم في الأغلال دون أن يُقادوا إليها ،،،
والسؤال هنا : متى تنفجر تلكم الينابيع وتلكم الطاقات من هؤلاء الذين أودعها الله في نفوسهم ، ومتى يحملوا الهموم لأمتهم فيسمون بها ويعيدوا لها رشدها وعزها وسؤددها !! وماهي الأسباب التي حالت دون ذلك فأضحوا أسارى لأنفسهم وذواتهم ؟ ؟ ؟
أينتظرون الأعداء من بني جلدتنا وغيرهم لينشروا ثقافتهم المسمومة ، أم ينتظرون أن يُجعل لأصحاب الأهواء والأباطيل ميداناً واسعاً للتآمر والتذامر ضد الإسلام وأهله .
ولقد تلمستُ أسباب ودواعي حجر المواهب ودفنها عند البعض فحصرت الأبرز منها وهي متباينة من شخص لآخر بحسب الظروف المحيطة به كما أشرنا أعلاه .. وإذا عُرف السبب عُرف الدواء ، وسأقتصر على ذكر ما تقصيته من هذه الأسباب ......
فمن تلك الأسباب في رأيي :
1- ضعف التصورالحقيقي لدى هؤلاء للنتاج والثمر من جرّاء النشاط والجهد الذي سيقومون به سواءً على مستواهم كأفراد أو على مستوى الأمة الإسلامية .
2- ضعف الثقة والهمة والشعوربعدم النجاح والخذلان في حال بروز وظهور المعطيات الإنتاجية لديهم وبالتالي فهم متخوفون من النقد والإرجاف .
3- التجافي عن أولي الرأي والمشورة واستصحاب بدلاً منهم أهل السفه والغرور والعجز.
4- الإستقرار والترف السائد الذي يمنعهم من تفعيل واستثمار الطاقات الكامنة في دواخلهم .
5- كثرة أصحاب النظرة السوداء المحيطين بهم الذين استكانوا هم لأهوائهم وأرادوا استمالة هؤلاء إلى جانبهم حسداً من عند أنفسهم ليكونوا سواء .
6- رؤيتهم القاصرة من أن المجتمع غني عنهم بما يحويه من كوادر هم أفضل وأعلى وأميز منهم ،،،
وعلى هذا يأتي دور المربين والقادة وأهل الفضل والعلم لشحذ الهمم والعزائم لإنتشال هؤلاء أصحاب المواهب وتحريرهم إلى الناس وذلك بتجريعهم غذاءً فكرياً وتربوياً ودينياً 0 ولا يُفهم أن ثمة تقصيرٍ في إنتاج ذوي الخبرة من المربين والفضلاء ، وإنما أرادت الأمة منهم مضاعفة الجهد وتنوع الطرق والأساليب في احتواء من يدفنون قدراتهم وإمكانياتهم ومن ثم إكسابهم مزيدا من المعارف والعزائم !!
وقد يكون هذا كنوع من العلاج في هذا الجانب وإذا تحقق وتيسر و فإن السواد بمشيئة الله سيكثر ، والنفع سينتشر ، والجهل سيتلاشى ، فترقى الأمة ، وتُكشف الغمة ، ويتبدد الظلام ، ويبزغ النور ، ، ،
نسأل الله أن يعيد للأمة مجدها ، وأن يطفئ معاول ضعفها .
والله أعلم وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .